اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية
مجمع اللغة العربية الفلسطيني
مقدمة:
اللغة العربية في فلسطين تقتضي عناية خاصة؛ إذ إنها في صراع مفتوح مع لغات أخرى، تأتي لغة المحتلين الغزاة في مقدمتها، ولذلك كان لا بد للقائمين الغُيُرِ على لغتهم- وهي عنوان هُويتهم ورمز وجودهم في وطنهم - أن يوحدوا جهودهم، ويوجهوها نحو الحفاظ على العربية نقية خالصة من كل شائبة؛ كي تواجه اللغة الدخيلة الغازية من جهة، وتكون قادرة على استيعاب المستجدات الحضارية من جهة أخرى.
من أجل ذلك استنهض نفر من أساتذة اللغة العربية في الجامعات الفلسطينية أنفسهم، وعلى رأسهم عميد الأدب الفلسطيني، المجمعي النشط في مجمع الخالدين في القاهرة، المرحوم الأستاذ الدكتور إسحاق موسى الحسيني من أجل تأسيس مجمع للغة العربية يكون بمثابة واجهة وطنية تقع على عاتقها مهمة الحفاظ على اللغة العربية في وجه المحاولات الشرسة للنيل منها، والتهوين من شأنها، ولا سيما في مدينة القدس المحتلة، التي يجهد الاحتلال الغاشم لتغيير معالمها التاريخية والحضارية، والنيل من مقدساتها، ويسعى جاهدًا إلى عبرنة التعليم العربي، وتهويد مؤسسات التعليم فيها.
تأسيس المجمع:
بدأت أولى المحاولات لتأسيس مجمعٍ على غرار المجامع القائمة في الدول العربية الشقيقة عام ١٩٩٤م من خلال هيئة تأسيسية يرأسها أ. د إسحاق الحسيني، ولقيت الفكرة ترحيبًا وتشجيعًا كبيرين من لدن رئيس مجمع الخالدين في القاهرة وأعضائه آنذاك، وكان على رأس مَهمَّاتها وضعُ خطة عمل وقانون لهذا المجمع يتكون من تسع عشرة مادة، وأعدَّت له - بعد نقاشات مستفيضة - مشروعًا متكاملًا، قُدِّم إلى رئيس دولة فلسطين القائد الراحل ياسر عرفات- رحمه الله تعالى -الذي رحب بفكرته، وحظي بموافقته الكريمة، وأوعز إلى مكتب المؤسسات الوطنية باعتماده مؤسسةً وطنية من مؤسسات الدولة التي تشكل - متضافرة وفق تخصص كل منها - نواة دولتنا الفلسطينية المستقلة.
وقد افتتح المجمع رسميًّا عام ١٩٩٤م في احتفال رسمي، دعي إليه عدد من أساتذة اللغة العربية في الجامعات والمعاهد العليا، وبعض الشخصيات الرسمية والوطنية، وزاول المجمع أعماله -بداية - في القدس الشريف، باعتبارها المقر الرسمي له، ولكنه تعرض للمضايقة والملاحقة من سلطات الاحتلال، ما اضطره إلى نقل نشاطه إلى مدينة رام الله، حيث خُصِّصت له شقة متواضعة لتكون مقرًّا مؤقتًا، ريثما يُصار إلى إقامة مقر دائم يمارس فيه نشاطاته وفعالياته، وهو ما لم يتحقق حـتى اللحظة، نظرًا للضائقة المالية الـتي تمر بها سلطتنا الفلسطينية.
يدير أعمال المجمع ويشرف عليه (مكتب تنفيذي) يتكون من خمسة أعضاء تفرزه دوريًّا، وبصورة ديموقراطية الهيئة العامة للمجمع التي تتكون من الأعضاء العاملين فيه من شطري الوطن في الضفة الغربية، وقطاع غزة، ومن الشتات، ويتكون المكتب الحالي من الآتية أسماؤهم: الهيكلية الإدارية للمجمع:
– أ.د حسن عبدالرحمن السلوادي رئيسًا
– أ.د نبيل أبو علي نائبًا للرئيس
– أ.د أحمد حامد عضوًا
– أ.د محمود أبو كتة الدراويش عضوًا
– أ.د إبراهيم الخواجا عضوًا (انتقل إلى رحمة الله تعالى)
ويتكون الإطار العام للمجمع من: الأعضاء العاملين، والخبراء، والأعضاء المؤازرين.
رؤساء المجمع
تعاقب على رئاسة المجمع منذ بداية تأسيسه أربعة من الرؤساء هم على وجه الترتيب:
١-الأستاذ الدكتور يحيى عبد الرؤوف جبر
٢- الأستاذ الدكتور يونس مرشد عمرو
٣- الأستاذ الدكتور أحمد حامد
٤- الأستاذ الدكتور حسن عبدالرحمن السلوادي (الرئيس الحالي).
أهداف المجمع:
نصت المادة الرابعة من قانون المجمع على أن الأهداف التي أنشئ من أجل تحقيقها تتلخص في:
١-الحفاظ على سلامة اللغة العربية.
٢- حماية اللغة العربية من العواقب التي ترشحها الظروف الراهنة والمتوقعة، الناجمة عن مزاحمة بعض اللغات الأجنبية.
٣- النهوض بمتطلبات الوقاية والعلاج السريعة، وفي مقدمة ذلك تعريب المصطلحات المستخدمة في المجالات النظرية والعلمية وتوحيدها.
٤- إجراء دراسات مقارنة بين العربية وغيرها من اللغات.
٥- عقد المؤتمرات والندوات العلمية والثقافية التي تتناغم مع الأهداف السابقة.
٦- نشر الدراسات اللغوية والعناية بالمخطوطات والوثائق العربية الإسلامية.
المشروعات العلمية:
أنجز المجمع معجمًا خاصًّا بالانتفاضة الأولى التي جرت عام ١٩٨٨م التي أحدثت تغييرات ملموسة في المشهد السياسي آنذاك تحت عنوان: "معجم ألفاظ الانتفاضة"، وكان الدافع إلى تأليفه بروز ألفاظ ومصطلحات جديدة أفرزها الواقع الميداني الذي جرت فيه أحداثها.
وهناك مقترحات لمشروعات وافق عليها المكتب التنفيذي للمجمع وتنتظر الإنجاز حال توافر الميزانيات اللازمة لها، وأبرزها:
١- معجم تعريفي بالقرى والبلدات التي دمرها الاحتلال، وتأصيلها لغويًّا بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية، بغية توثيقها وحفظها في الذاكرة، ولا سيما بعدما أقدم الاحتلال على تهويدها وإطلاق مسميات جديدة عليها.
٢- معجم الألفاظ والمصطلحات العبرية الدخيلة، والتركيز على ما شاع منها على ألسنة الطبقة العاملة بحكم عملهم في الداخل الفلسطيني المحتل.
٣- معجم الأمكنة والمعالم الحضارية والتاريخية العربية الإسلامية في مدينة بيت المقدس، التي أقدم الاحتلال عل تهويدها ومصادرتها أو تلك المهددة بالتهويد والمصادرة.
الأنشطة والفعاليات:
أنجز المجمع -رغم الظروف الصعبة التي يمر بها - مجموعة متواضعة من الأنشطة منها:
١- عقد المجمع حلقة عمل لوضع قواعد صوغ المصطلح العلمي، ليستعين به جميع العاملين في هذا المجال بالتعاون مع المجامع العربية الشقيقة.
٢- يسعى المجمع حاليًا إلى تفعيل لجانه المختلفة بما فيها لجنة الأعضاء العاملين وإعادة تشكيلها كما وردت في نظامه الأساسي كل في مجال اختصاصها.
٣- يتأهب المجمع حاليًا لإصدار العدد الرابع من مجلته المحكمة، بعد انقطاع طويل بسبب الظروف الصعبة التي حالت دون الانتظام في إصدارها، وقد تلقت هيئة تحرير المجلة عددًا لا بأس به من البحوث، أرسلت إلى أساتذة متخصصين من أجل تحكيمها، وإبداء الرأي حول صلاحيتها للنشر فيها.
٤- يُجري المكتب التنفيذي اتصالات مع وزارة التربية والتعليم العالي، وعدد من الجامعات الفلسطينية لعقد مؤتمر علمي تربوي بعنوان: "واقع اللغة العربية وأساليب تدريسها في الجامعات الفلسطينية".
وبعد، فهذا جهد المستطيع، ونرجو الله تعالى أن يمكننا مستقبلًا من تحقيق المزيد خدمةً للغتنا الشريفة، ودعم مكانتها في وطنٍ يتعرض بشكل مضطرد لتغييب هويته، ومصادرة تراثه الضاربة جذوره في أعمق أعماق التاريخ.